الأحد، 28 مارس 2010

أزهار الحياة








الكاتبة ودادا الكواري
ارتفع عدد الذكور إلى 18 مليونا بالنسبة للإناث في الصين، الرقم مخيف، وكل ذلك بسبب الإجهاض الانتقائي، فالصينيون يفضلون الذكور لحاجتهم إليهم في العمل الزراعي، وبسبب تحديد النسل، أما الهند فقصة أخرى، البنات عبء على ذويهم، فهم ملزمون بدفع مهور تفوق طاقتهم للرجل الذي سيتقدم لخطبة البنت التي تتحول إلى خادمة في منزل عائلة الزوج، ووسيلة ابتزاز لا تنتهي إلا بنهاية حياتها (بالانتحار غالبا) فكلما احتاج الزوج أو عائلته شيئا، تلفزيونا أو دراجة أو غسالة مثلا، أرسلوها لأهلها، وفي حالة عودتها خالية الوفاض -وهذا يحدث معظم الوقت- تتعرض للضرب أو الحرق، لذا تلجأ النساء الحوامل المقتدرات للكشف مبكرا عن نوع الجنين عن طريق سيارات نصف النقل التي شاهدتها بأم عيني في البلاد الفقيرة، وهي تسير ببطء معلنة عن بضاعتها بأحرف كبيرة على جانبيها وميكروفون بدائي يصرخ به شخص ما، وإلى جانبه سيدة ترتدي ثوبا كان ذات يوم أبيض.. موضحا لمن لا يستطيع القراءة ضآلة السعرالمدفوع للكشف والعملية مقارنة بالعذاب والهمّ مستقبلا إذا ما كان الجنين أنثى، ولقد حذرت الأمم المتحدة من كون تزايد ظاهرة قتل الأجنة الإناث في الهند سيؤدي إلى خلل سكاني، وإلى زيادة العنف الجنسي والانتهاكات ضد الأطفال، إضافة إلى تقاسم الزوجات، وهذا ما حدث في أقاليم كثيرة في الهند، ويطلق على المولودة الأنثى في الهند "الحجارة"، فيقال "فلانة أنجبت عددا كبيرا من الحجارة"، وغالبا ما تهمل الطفلة التي جاءت رغما عن والديها، وتُحْرَمُ من الطعام حتى تموت.. ولكم أن تتصوروا أن عدد الأجنة الإناث الذي يتم التخلص منهن سنويا بلغ خمسة ملايين، خمسة ملايين مولودة.. ياله من رقم.. خمسمائة روبية للتخلص من البنت خير من خمسين ألفا لزوجها، بهذا المنطق تنافس الهند الصين في انخفاض نسبة الإناث، وتنافسها في قتل أزهار الحياة.
لا أجد ما أقوله أمام هذه البشاعة سوى كلمات "جان هنري سان بير" التي كتبها عرفانا وتقديرا للنساء اللواتي أقبلن على شراء روايته "بول وفرجيني"، ورفعن من أسهم الكتاب وكاتبه: أنتن اللاتي وقفتن إلى جانب الرجال، وعملتن على محاربة القسوة والاستعباد والوحشية والتعذيب، وأكرمتن بدموعكن الأبرياء من ضحايا الطغيان، وأيقظتن في الطغاة صوت الضمير، إن طبيعتكن الخيِّرة تكشف لكن بالفطرة عن مواطن البراءة والمجد الحقيقي، أنتن أزهار الحياة ومصدر الحضارة، تؤلِّفن بين الشعوب بالزواج أكثر مما تفعله السياسة بالمعاهدات والأحلاف، أيتها الأمهات والمرضعات، يا من عرفناهن أطفالا، ما أرق محاسنكن.. إن في نظرتكن المتواضعة ما يقلق سفسطة المتفلسفين، ويذكر المتعصبين لأجناسهم بأنهم بشر قبل كل شيء، إن لدموعكن تأثيرا قويا في إزالة الأوهام والأحقاد، ولابتسامتكن قوة على تفنيد الحجج المادية والفساد.







الخميس، 25 مارس 2010

لوحات ساحرة وأعمال راقية في ملتقى الدوحة للخط العربي








كتب محمد فوراتي

شارك 66 خطاطا في ملتقى الدوحة للخط العربي في دورته الاولى التي حملت الكثير من الإبداع والتنوع. وأعلن الفنان عبيد صالح البنكي رئيس لجنة تحكيم مسابقة الملتقى في الخط العربي عن نتائج قائمة الفائزين والمكرمين الذين تسلموا شهاداتهم وجوائزهم بحضور وزير الثقافة القطري حمد بن عبد العزيز الكواري. وقال البنكي ان اللجنة التي تتكون من علي حسن وعلى البداع وسامي بن عامر وعبيد البنكي اجتمعت بين 21 و 23 مارس ونظرت في كل الأعمال المشاركة لمنح ثلاث جوائز رئيسية بالإضافات الى شهادات تقدير. وقد كانت المداولات تقوم على العناصر التالية وهي: جودة واتقان اللوحة وتضمين العناصر الفنية مثل الزخرفة والتاكد من صحة انتساب العمل لخططا نفسه وتوزيع الجوائز بين مختلف الخطوط.
ونظرا لتقارب المستوى بين جميع الأعمال المشاركة والتي كانت كلها تقريبا على مستوى فني وجمالي عال فقد تقرر منح الثلاث جوائز الاولى مناصفة. وكانت النتيجة بعد المداولة كالتالي:
الجائزة الاولى مناصفة بين الفنان صباح الأربيلي في الثلث والنقعي وسيرين عبد الصابر من مصر في خط اللثل. والجائزة الثانية مناصفة بين محمد النوري من العراق وعمر الجمني من تونس في الخط المغربي. والجائزة الثالثة بين مامون يغمور من سوريا وحسام مطر من سوريا في خط التعليق. كما سلم وزير الثقافة والفنون والتراث شهادات التكريم على الفنانين الأربيلي والنوري وكذلك الفنانة وضيفة الشرف رشيدة الديماسي من تونس والفنان هدى فارس مديرة مؤسسة خط بلبنان، ومنح الوزير درعا تكريمية لكل من الفنانين يوسف ذنون وعبد الغني من العراق. كما منحت اللجنة المنظمة درعا تكريمية لوزير الثقافة تقديرا لدعمه واشرافه على الملتقى.
وقد حفل الملتقى بمعرض جميل جمع بين السحر والابداع، وكشفت مشاركة الخطاطين من مختلف الأقطار العربية قدرة فائقة على التنويع والتشكيل والاستفادة من جمال الخط العربي والألوان والزخرفة بشكل يجعل هذا الفن حيا لا يموت وخاصية عربية اسلامية بإمتياز. ويحتل الخط العربي اليوم دور الصدارة بين الفنون الاسلامية، وياتي الأهتمام بالخط العربي نتيجة لاهتمام المؤسسات الداعمة للعودة بالخط العربي لعصره الذهبي الذي أفل منذ الغاء الحرف العربي بعد سقوط الخلافة العثمانية. وقد نزلت عبارات الدعم والحماس من وزير الثقافة بردا وسلاما على الفنانين المشاركين في الملتقى خاصة وانه وعد بأن يظل الاهتمام بهذا الفن قائما في الدوحة بشكل متواصل ومخصوص. ومادامت الدوحة عاصمة لثقافة العرب فقد اعطت لهذا الخط ذا القيمة الرمزية والفنية والحضارية قيمتها التي يستحقها من خلال هذا الملتقى وغيره من المعارض المبرمجة لاحقا. ويعتبر الخط العربي الوسيلة التعبيرية التي دونت علوم العرب والشعر والأدب قبل ظهور الاسلام وتدعم حضوره مع نزول القرآن وشيوع علم التفسير والفقه والحديث. ويأخذ الخط العربي اليوم دلالات تشكيلية وفكرية وثقافية متواشجة مع المفهوم اللغوي، إذ لا يمكن القول بأن فن الخط العربي اليوم هو مجرد فن حرفي يعبر عن تقاليد معينة بل هو مجال من مجالات المشهد التشكيلي العربي وتأصيل للهوية العربية، كما كان التنوع والتعدد في الخط وأشكاله عنصرا ابداعيا كبيرا ومبهرا حتى لفناني العالم الغربي.

الأربعاء، 24 مارس 2010

علي باباجان: نطمح لإقامة شراكة كاملة مع قطر ودول الخليج




قطر أول دولة تستثمر في قطاع الإعلام بتركيا

علي باباجان: نطمح لإقامة شراكة كاملة مع قطر ودول الخليج
جئنا إلى الحكم بدعم الشعب وذلك سرّ نجاحنا الإقتصادي والسياسي
نريد دخول الاتحاد الاوروبي محافظين على ثقافتنا وقيمنا
فعاليات ثقافية وفنية منوعة ضمن فعاليات اسطنبول عاصمة الثقافة الأوروبية 2010

محمد العادل: على العرب استثمار توجه تركيا للمصالحة مع محيطها وتسجيل حضور قوي في المجالات الاقتصادية والإعلامية


اسطنبول - محمد فوراتي

أشاد نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية التركي السيد علي باباجان بعمق العلاقات القطرية التركية وما تشهده من نم وازدهار. وقال باباجان خلال افتتاحه المنتدى الإعلامي الاقتصادي لبلدان الشرق الأوسط وحوض المتوسط أن تركيا تطمح لإقامة علاقة شراكة كاملة مع دول الخليج والدول العربية والاسلامية لما في ذلك من مصلحة أكيدة لشعوب المنطقة. وقال أن تركيا بتاريخها وثقافتها وحضارتها وامتداد جغرافيتها الواسعة تريد بناء علاقات متينة مع جميع الدول وأن هناك إرادة سياسية وشعبية لمدّ جسور التعاون في مختلف المجالات مع الدول العربية.
و شارك في تنظيم هذا المنتدى الإعلامي الضخم كلّ من جمعية المحرّرين الاقتصاديين في تركيا و الجمعية التركية العربية للعلوم و الثقافة والفنون ( تاسكا ) بأنقرة بالتعاون مع عدد من الهيئات الحكومية والأهلية الأخرى في تركيا.
وعن التعاون الاقتصادي بين تركيا والعالم العربي قال باباجان : نحن مهتمون بالعلاقات التركية العربية وكان لنا اجتماعات كثيرة مع أمين عام الجامعة العربية عمر موسى وقد حضرنا العديد من الاجتماعات على مستوى وزراء الخارجية وهناك تفاهمات بين الجانبين، وتعمل تركيا على تفعيل علاقات التعاون مع الأقطار العربية وبما يخدم المصالح الثنائية . وأضاف أن تركيا تولي أهمية كبيرة لمنتدى التعاون التركي العربي الذي تم الإعلان عن تأسيسه مع الجامعة العربية وكذلك منتدى التعاون بين تركيا و دول مجلس التعاون الخليجي ( 6 + 1 ) ، والهادف الى تأسيس عمل مؤسسي منظم للتعاون التركي العربي حتى نؤّمّن له الإستمرارية. وأوضح أن الاقتصاد و الامن متلازمين و أن تركيا تولى أهمية كبيرة لأمنها و أمن دول المنطقة ، مؤكّدا على حاجة المنطقة إلى اصلاحات جذرية على كافة المستويات و المجالات لاسيما السياسية والاقتصادية بما يلبّي طموحات شعوب المنطقة و يؤسس لمستقبل أفضل للأجيال القادمة.
وأشار في محاضرته التي حضرها وفد عن الإعلاميين العرب وسفراء عدد من الدول العربية والإسلامية ورجال أعمال إلى أهمية المشاريع المشتركة بين تركيا والدول العربية، وان هناك أولوية للاستثمارات العربية في تركيا. كما أكد أن الاقتصاد التركي حقق قفزة كبيرة حتى في ظل الأزمة المالية العالمية مبيناً بالأرقام ما حققته حكومة حزب العدالة والتنمية من قفزات في مختلف المجالات ، معتبراً هذه النجاحات نتيجة طبيعية للاصلاحات التي اتخذته حكومته خلال السنوات الأخيرة

استثمارت قطرية

من جهته أكد السيد بيرات ألبيراك المدير العام لمجموعة تشالق القابضة في تصريح للشرق أن جهاز الاسثمار القطري دخل شريكا في ثاني أكبر مجموعة إعلامية بنسبة 25 %، وهي أول شراكة عربية معتبرة في مجال الاستثمار الإعلامي بتركيا، حيث تضم المجموعة عددا كبيرا من المحطات التلفزيونية والراديو بالإضافة إلى الجرائد والمجلات ومن بينها جريدة الصباح كبرى الجرائد اليومية التركية. وأضاف: هناك طموح لتحقيق المزيد من النجاح من خلال مشاريع مستقبلية مع قطر، ومنها مجموعة مشاريع مع أحمد آل سيد وخاصة في انتاج وتوزيع الطاقة، وهناك مفاوضات جارية بشكل جدي مع مجموعة البناء القطرية حول عدد من المناقصات نتمنى كسبها خلال هذه السنة. كما أكد أن مجموعته الضخمة والتي تعمل في النسيج والصناعات والاتصالات و والطاقة والإعلام تطمح إلى مزيد مع التعاون مع المستثمرين القطريين وخاصة في قطاعات الطاقة والاتصالات.
من جانبه دعا الدكتور محمد العـادل رئيس الجمعية التركية العربية للعلوم الثقافة و الفنون ( تاسكا ) المشاركة في تنظيم هذه المنتدى الاعلامي ، الجانب العربي إلى ضرورة استثمار توجه تركيا للمصالحة مع محيطها العربي و الإسلامي والتعاطي مع هذه المرحلة بوعي ومسؤولية للتقدّم بمسيرة التعاون التركي العربي في مختلف القطاعات ، وتسجيل المزيد من الحضور العربي السياسي والاقتصادي والثقافي والإعلامي في الساحة التركية.
كما اوضح السيد تورغاي توركار الأمين العام لجمعية المحرّرين الاقتصاديين الأتراك المشاركة في تنظيم المنتدى أن هذا اللقاء ينظم لأول مرة في تركيا ويهدف من خلال دعوة الوفود الإعلامية من البلدان العربية والاسلامية لشرح المقومات الاقتصادية و مجالات الاستثمار في تركيا بما يساهم في دعم التعاون التركي العربي و تحويله من مجرد تعاون تقليدي الى شراكة اقتصادية استراتيجية دائمة بين الجانبين تعود بالنفع والرخاء على شعوب المنطقة.

اسطنبول عاصمة الثقافة

وقد كشفت الحفاوة البالغة التي استقبل بها تسعة عشر صحفيا من مختلف الدول العربية، ومختلف التصريحات التي أدلى بها المسؤولون الاتراك ورجال الأعمال عن إرادة سياسية قوية في تمتين الصلة بالعالم العربي الإسلامي. ولاحظنا خلال المشاركة في مختلف الإجتماعات التي جمعتنا بكبار المسؤولين الاتراك أن اللغة العربية حاضرة بقوة حيث يتم الحرص على الترجمة الفورية، كما يتقن عدد من المسؤولين التحدث بعربية فصحى، بل أن عدد ليس بالقليل من المواطنين الأتراك ومنهم مثقفون وتجار يتحدثون العربية. وقد اكد لنا الدكتور محمد العادل ان الجمعية العربية التركية التي يرأس مجلس إدارتها لها مشروع طموح لتعليم اللغة العربية في تركيا على نطاق واسع وهو ما سيساعد على تحقيق التكامل الحقيقي والمفيد للجانبين وإعادة تركيا بقوة إلى محيطها العربي الإسلامي. ورغم هذا الحرص الواضح فإن لتركيا أيضا طموحا مماثلا للإنضمام للاتحاد الاوروبي والذي قال عنه باباجان بأنه سيزيد أوروبا قوة كما سيضمن للشعب التركي المزيد من الرفاه والاستقرار.
وقد حرصت الجهات المنظمة لرحلة الصحفيين العرب لتركيا على اطلاعهم عن كثب على برنامج احتفالات اسطنبول عاصمة الثقافة الاوروبية 2010. وخلال لزيارتنا لمقر اللجنة الإعلامية للإحتفالية وجدنا خلية نحل لا تهدأ مواكبة لمئات الفعاليات الفنية والموسيقية والتشكيلية والمسرحية والسينمائية التي تشهدها المدينة التي تحمل طابعاً شرقياً ويسكنها أكثر من 17 مليون نسمة، فهي مدينة آسيوية وشرق أوسطية ومتوسطية ومسلمة أيضا. وبعبارة أخرى فهي مدينة عالمية، تطمح للعب دور الجسر بين الحضارات. وسيتخلل هذه السنة الثقافية 170 حدثاً ثقافياً كبيرا، وأكثر من 500 مشروع تراثي وحضاري، بالإضافة إلى تظاهرات فنية متعددة تعد بالمئات. وبالرغم من البعد الثقافي لهذا الحدث، فإن الحكومة التركية تسعى من خلاله إلى تدعيم دورها وحضورها الأوروبي وقال منسق اللجنة الإعلامية أن جميع الدول الاوربية تشارك في فعاليات هذه السنة الثقافية في مختلف مجالات الفنون، كما سيكون للفنون والثقافة التركية حضور بارز في فعاليات العواصم الثقافية الاوروبية خلال السنوات القادمة، وهو ما يتيح لنا التعريف بحضارتنا وثقافتنا التي تجمع بين انتمائنا الآسيوي والاوروبي والإسلامي.
وكما أكد لنا أعضاء اللجنة الإعلامية للإحتفالية فإن تركيا ترغب من خلال هذا المهرجان الثقافي الضخم والذي يشمل الفن التشكيلي والموسيقى والأدب والرقص والسينما والعروض التراثية، في استغلال هذا الحدث الذي سيمتد لمدة عام كامل؛ لتبرهن على أنها دولة كبرى وعريقة وقوية وقادرة على مواجهة التحديات التي تقف عائقًا بينها وبين الانضمام للاتحاد الأوروبي، حيث أعدت المدينة عناصر الحياة الأربعة، الأرض والهواء والماء والنار، شعارًا للعام الثقافي الحالي. وقسّمت الاحتفالية إلى أربع مراحل، الأولى تمتد حتى 20 مارس المقبل، وتدور حول «الأرض». والثانية تمتد حتى يونيو ومحورها «الهواء»، والثالثة الممتدة حتى 22 سبتمبر شعارها «الماء»، والأخيرة تدور حول «النار» بوصفها أداة للتغيير. وخصصت اللجنة المشرفة على هذا الحدث الثقافي الكبير 120 مليون يورو ( حوالي 180 مليون دولار أمريكي).

معجزة إقتصادية

خلال زيارتنا لمدينة أنقرة العاصمة التي يسكنها أكثر من 14 مليون نسمة لاحظنا أن المدينة تنام باكرا لتبدأ يومها الموالي مع الساعات الأولى للصباح، حيث تمتد مناطق صناعية ضخمة تضم مئات الشركات وآلاف العمال، فالجميع يعمل، والحركة لا تهدأ، ولكن الشوارع تمتلئ فجأة مع آخر ساعات النهار حيث يخرج العمال والطلبة إلى الشوارع التجارية، ثم تعود من جديد المدينة إلى الهدوء.
السيد علي باباجان أكد ان تركيا حققت معجزة إقتصادية حقيقية خلال السنوات الأخيرة، ورغم ما يعيشه العالم من أزمة اقتصادية وما تعيشه جارتها اليونان من معيقات خطيرة، فإن أنقرة حققت نتائج باهرة اعترت بها كل الهيئات المالية الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي. فنسبة الدين انخفت والليرة التركية استعادت عافيتها حتى كادت تساوي الدولار الامريكي ونسبة التضخم انخفضت كما بلغت الصادرات التركية 102 مليار دولار في وقت تراجعت التجارة العالمية بشكل كبير في العام 2009. وارتفعت الاستثمارات الخارجية إلى 22 مليار دولار في العام 2007 من مليار دولار في العام 2003. ويضيف باباجان: تركيا سوف تكون من النجوم اللامعة خلال السنوات القادمة، وكل العيون سوف تتجه للشرق. نريد تحقيق وضع مالي مريح دون الاعتماد على المساعدات الخارجية، وبعد 15 عشر سنة سنصل إلى توازن مالي وقد وضعنا برنامج إصلاحات قبل من جميع الجهات العالمية. وأكد أيضا ان نجاح تركيا يسير على مختلف المسارات ففي تركيا اليوم مثلا 400 فضائية و 1400 راديو ومئات الصحف والمجلات. كما توجد لنا صناعة قوية ومنها مثلا الصناعات الحربية، وصناعة السيارات حيث تصنع تركيا كل أنواع السيارات (تويوتا رينو وفورد وغيرها...) محليا بترخيص من الشركات الأصلية، وفي أنقرة وحدها 9 مناطق صناعية احداها فقط تضم 300 شركة وتشغل 20 ألف عامل. أما عن الطاقة فقال: تركيا ليست دولة بترولية، ولكننا نستورد الكثير من البترول والغاز، ومع ذلك أصبحت تركيا ممر عبور مهم للطاقة شمال جنوب وغرب شرق، ولدينا خط عربي مع مصر وآخر مع روسيا وآخر مع إيران والغاز الروسي يأتي عن طريق البحر الأسود، كما تمر ناقلات النفط على مضيف الفوسفور ولنا أكثر من 150 ميناء بحري تلعب دورا هاما في حركة السفن والناقلات.
وعن أسباب هذه النتائج الاقتصادية التي حققتها حكومة العدالة والتنمية قال باباجان: لقد سئلنا عن النجاح منذ فوزنا في انتخابات 2002، وقلنا أن الثقة والاستقرار في أي دولة يأتي بالنجاح، بل هو أساس التنمية الإقتصادية، كما منحنا كل الحرية لشعبنا ولرجال الأعمال وشجعنا المبادرة وانفتحنا على محيطنا، وعبرنا عن استعدادانا للتعاون مع كل الدول. وأضاف: عندما جئنا إلى الحكم بدعم من الشعب ساعدنا ذلك كثيرا في العمل بثقة وأريحية. والاستقرار السياسي الذي حصلنا عليه كان هو الداعم الرئيسي لنجاحنا الاقتصادي.
وعن نتائج المفاوضات مع الاتحاد الاوروبي قال باباجان ان للاتحاد الاوربي شروط معينة ل27 دولة حاليا، ومنها الديمقراطية الحقوق الشخصية والإنسانية والاستقرار، ولدينا خرطية طريق للحصول على هذه العضوية. وقال: أوروبا سوف تزداد قوة بإنضمام تركيا لان وزننا الإقتصادي وما نملكه من ثروات ونجاحات وثروة بشرية يؤهلنا لذلك، كما ان سيادة الشعب عندنا تتيح لنا التعامل بندية مع الاتحاد الاوروبي، والشروط التي وضعها الاتحاد الاوروبي نتوفر عليها الآن بل نحن أفضل على المستوى الاقتصادي والسياسي من عدة دول انضمت فعلا ومنها بلغاريا ورومانيا. وأضاف: في الاتحاد الاوروبي ثقافات مختلفة وقيم متعددة وهو يحترم جميع هذه الاختلافات الثقافية والحضارية ونحن نريد دخول الاتحاد محافظين على قيمنا وثقافتنا، وسوف تكون قوة اختيارنا مساوية لفرنسا وألمانيا وكان هذا أساسا كل تحركنا. وقد أكدنا في عدة مناسبات أن التعامل معنا يجب ان يكون على قدم المساواة مع كل الأعضاء، وخاصة أن ثقلنا السكاني (70% شباب) والاقتصادي ضخم، وربما هذا ما يجعل الاوروبيين مترددين في المفاوضات، فمستوانا أفضل من ثلاث دول هي حاليا اعضاء في الاتحاد. ونحن نقول لهم: لا تخافو لأن تمثيل الاتحاد سوف يكبر بنا ويصبح أقوى على جميع المستويات.
اما عن الاختلاف في وجهات النظر حول عدد من القضايا في منطقة الشرق الأوسط مع دول الاتحاد الاوروبي فقال باباجان: هذا صحيح لنا تفهمنا الخاص لإيران ولبنان وسوريا وموقفنا من حرية الشعب الفلسطيني واضحة، وهو موقف مختلف عن دول اوروبية، ونحن لنا وجهة نظرنا ننقلها كما نؤمن بها، ونسعى لسلام دائم وتفاهم حقيقي بعيدا عن المشاحنات والحروب والدمار.
يذكر أن علي باباجان أصغر وزير في الحكومة التركية وهو من مواليد (9 أكتوبر 1967 - ) ويوصف بمهندس المعجزة الاقتصادية التركية ، قبل أن يتولى وزارة الاقتصاد كان وزيراً للخارجية وذلك بعد إعادة انتخاب رجب طيب أردوغان رئيساً للوزراء وظل وزيراً للخارجية حتى 1 مايو 2009، كما إنه كان المفاوض في ملف انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي. وقبلها كان وزيراً للشؤون الاقتصادية وذلك منذ تسلم حزب العدالة والتنمية للحكم في نوفمبر 2002. ويشغل الآن منصب نائب رئيس الوزراء المكلف بالشؤون الاقتصادية. دخل السياسة في عام 2002 بوصفه أحد المؤسسين لحزب العدالة والتنمية وعضو مجلس الإدارة فيه ، ثم انتخب لمجلس النواب بعد فوزه بمقعد عن مدينة أنقرة في 3 نوفمبر 2002 ، وعين وزير للشؤون الاقتصادية في 18 نوفمبر 2002 ، وكان أصغر عضو في مجلس الوزراء وعمره 35 سنة. وساهم في إصلاح الوضع الاقتصادي في تركيا وحقق الإنتعاش الاقتصادي بعد سنتين من مباشرة عمله بعد سنوات من الأزمات الاقتصادية التي عانتها الدولة.