الأحد، 28 مارس 2010

أزهار الحياة








الكاتبة ودادا الكواري
ارتفع عدد الذكور إلى 18 مليونا بالنسبة للإناث في الصين، الرقم مخيف، وكل ذلك بسبب الإجهاض الانتقائي، فالصينيون يفضلون الذكور لحاجتهم إليهم في العمل الزراعي، وبسبب تحديد النسل، أما الهند فقصة أخرى، البنات عبء على ذويهم، فهم ملزمون بدفع مهور تفوق طاقتهم للرجل الذي سيتقدم لخطبة البنت التي تتحول إلى خادمة في منزل عائلة الزوج، ووسيلة ابتزاز لا تنتهي إلا بنهاية حياتها (بالانتحار غالبا) فكلما احتاج الزوج أو عائلته شيئا، تلفزيونا أو دراجة أو غسالة مثلا، أرسلوها لأهلها، وفي حالة عودتها خالية الوفاض -وهذا يحدث معظم الوقت- تتعرض للضرب أو الحرق، لذا تلجأ النساء الحوامل المقتدرات للكشف مبكرا عن نوع الجنين عن طريق سيارات نصف النقل التي شاهدتها بأم عيني في البلاد الفقيرة، وهي تسير ببطء معلنة عن بضاعتها بأحرف كبيرة على جانبيها وميكروفون بدائي يصرخ به شخص ما، وإلى جانبه سيدة ترتدي ثوبا كان ذات يوم أبيض.. موضحا لمن لا يستطيع القراءة ضآلة السعرالمدفوع للكشف والعملية مقارنة بالعذاب والهمّ مستقبلا إذا ما كان الجنين أنثى، ولقد حذرت الأمم المتحدة من كون تزايد ظاهرة قتل الأجنة الإناث في الهند سيؤدي إلى خلل سكاني، وإلى زيادة العنف الجنسي والانتهاكات ضد الأطفال، إضافة إلى تقاسم الزوجات، وهذا ما حدث في أقاليم كثيرة في الهند، ويطلق على المولودة الأنثى في الهند "الحجارة"، فيقال "فلانة أنجبت عددا كبيرا من الحجارة"، وغالبا ما تهمل الطفلة التي جاءت رغما عن والديها، وتُحْرَمُ من الطعام حتى تموت.. ولكم أن تتصوروا أن عدد الأجنة الإناث الذي يتم التخلص منهن سنويا بلغ خمسة ملايين، خمسة ملايين مولودة.. ياله من رقم.. خمسمائة روبية للتخلص من البنت خير من خمسين ألفا لزوجها، بهذا المنطق تنافس الهند الصين في انخفاض نسبة الإناث، وتنافسها في قتل أزهار الحياة.
لا أجد ما أقوله أمام هذه البشاعة سوى كلمات "جان هنري سان بير" التي كتبها عرفانا وتقديرا للنساء اللواتي أقبلن على شراء روايته "بول وفرجيني"، ورفعن من أسهم الكتاب وكاتبه: أنتن اللاتي وقفتن إلى جانب الرجال، وعملتن على محاربة القسوة والاستعباد والوحشية والتعذيب، وأكرمتن بدموعكن الأبرياء من ضحايا الطغيان، وأيقظتن في الطغاة صوت الضمير، إن طبيعتكن الخيِّرة تكشف لكن بالفطرة عن مواطن البراءة والمجد الحقيقي، أنتن أزهار الحياة ومصدر الحضارة، تؤلِّفن بين الشعوب بالزواج أكثر مما تفعله السياسة بالمعاهدات والأحلاف، أيتها الأمهات والمرضعات، يا من عرفناهن أطفالا، ما أرق محاسنكن.. إن في نظرتكن المتواضعة ما يقلق سفسطة المتفلسفين، ويذكر المتعصبين لأجناسهم بأنهم بشر قبل كل شيء، إن لدموعكن تأثيرا قويا في إزالة الأوهام والأحقاد، ولابتسامتكن قوة على تفنيد الحجج المادية والفساد.







ليست هناك تعليقات: